شحن بوست:يمن مونيتور
يثير خبراء اقتصاديون ومصرفيون الشكوك حول الوضع المالي والنقدي لليمن، وسط فراغ كبير في السياسة النقدية، وجمود الإصلاحات المالية للحكومة، وتضاعف التحديات الاقتصادية في البلاد.
بالمقابل، يعيش المواطنون اليمنيون حالة من القلق والتوتر مع استمرار تدهور الريال العملة الوطنية إلى مستويات قياسية، وتعثر الحكومة المعترف بها دولياً، في التدخل وتنفيذ أدواتها المالية والنقدية لإعادة ضبط سعر الصرف.
وخلال الأيام الأخيرة، شهدت أسواق الصرف، تدهوراً مريعا لقيمة الريال الوطني أمام العملات الأجنبية، في مؤشر على مدى ضعف الاقتصاد الكلي
وقال مصدر مصرفي لـ”يمن مونيتور”، إن الريال اليمني شهد، انهيارا حادا أمام العملات الأجنبية لمستوى قياسي للمرة الأولى في تاريخه بتداولات الجمعة، ليصل سعر صرفه مقابل الريال السعودي إلى 510 للشراء و513 للبيع، بينما للدولار 1946 للشراء و1962 للبيع.
وكانت العملة الوطنية قد سجلت تحسنًا طفيفًا أمام العملات الأجنبية في الأسبوعين الماضيين، لكنها سرعان ما تراجعت مجددًا نهاية الأسبوع الفائت ومطلع الأسبوع الجاري.
تعطل موارد الحكومة
وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي وفيق صالح، إن تفاقم هذه الأزمة يأتي، مدفوعاً باستمرار تعطل الموارد العامة للحكومة، خصوصاً موارد النقد الأجنبي، وزيادة الضغوطات على المالية العامة للدولة، بسبب ارتفاع حجم الإلتزامات المالية للحكومة، مثل الرواتب والانفاق على الخدمات الأساسية، مقابل تراجع حجم الإيرادات العامة.
ورغم اتساع فجوة العجز في الميزان التجاري لليمن، نتيجة توقف الصادرات النفطية والتوسع في عملية الواردات، يرى وفيق صلح، أن “هناك أيضا اختلالات تسود الوضعين النقدي والمصرفي، جراء عملية الإنقسام التي أحدثتها مليشيا الحوثي في مؤسسة البنك المركزي ، وازدواج القرارات المصرفية، والذي انعكس على ضعف تأثير السياسة النقدية للبنك المركزي في عدن ، وزيادة الأنشطة المصرفية في السوق السوداء.”.
كما أفاد إلى احتمال العوامل والمتغيرات الدولية المرتبطة بتصاعد الصراع في المنطقة والبحر الأحمر، وموانئ الحديدة، قد أثرت بشكل سلبي على أسواق الصرف، ودفعت بتزايد حالة عدم اليقين، وتصاعد المخاوف الاقتصادية، في أوساط القطاعات التجارية والصناعية، من تعقد سلاسل التوريد، وهو ما دفع بتزايد الطلب على النقد الأجنبي في السوق السوداء، وتكثيف آلية الاستيراد، تحسباً لأي احتمالات قاتمة في عملية الواردات، خصوصاً، مع قتامة المشهد، وعدم وجود أي مؤشرات في الأفق لاحتواء، الأزمات الاقتصادية المتلاحقة في البلاد.
وتابع قائلاً: “يبدوا أن الحكومة فقدت قدرتها فعلياً على التدخل وإنفاذ أدواتها المالية والنقدية، لاحتواء أزمة الريال، وتحقيق الاستقرار في سوق الصرف”.
تحميل الحكومة المسؤولية
على صعيد متصل، جدد المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا، اليوم الخميس، تمسكها بالإنفصال، في الوقت الذي حملت الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي المسؤولية عن إنهيار وتدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.
ودعا المجلس في اجتماع عقدته ما يسمى بـ “هيئة رئاسة المجلس الانتقالي” برئاسة علي عبد الله الكثيري الخميس، القائم بأعمال رئيس المجلس، لـ “تجديد العهد والولاء لمسيرة التحرر، وكذا تأكيد التمسّك بالثوابت الوطنية، ومواصلة النضال حتى إنجاز كامل الأهداف السامية التي يسعى إليها شعبنا، وفي مقدمتها هدف استعادة وبناء دولته الفدرالية المستقلة”.
وبحسب موقع المجلس على شبكة الإنترنت، فإن الاجتماع ناقش جُملة من المستجدات والمتفرقات على الساحة المحلية، وفي مقدمتها الانهيار المستمر في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، والآثار المترتبة لذلك الإنهيار على حياة المواطنين وأوضاعهم المعيشية.
وطالب الاجتماع، مجلس القيادة الرئاسي، والبنك المركزي، والحكومة، بالاضطلاع بمسؤولياتهم في وضع حد لذلك التدهور المتسارع، واتخاذ إجراءات حقيقية وسريعة وشفافة، تكبح جماح المتلاعبين، وتفضح الجهات المشبوهة التي تعمل على خلق طلب غير حقيقي على العملات الأجنبية بهدف تضخيم سعرها في السوق المحلية.
تداعيات انهيار العملة
وحسب سكان وتجار في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، فقد أدى الهبوط السريع للعملة، إلى زيادات حادة يومية في الأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء غالبية السلع الأساسية، حيث بات غالبية المواطنين يشكون جنون الأسعار.
ورغم من إعلان البنك المركزي بشكل أسبوعي عن المزادات الإلكتروني لبيع العملة الصعبة للبنوك وتوفير جزء من احتياجات السوق من النقد الأجنبي، إلا أن أسواق الصرف يبدوا باتت خارج السيطرة ولم تستجب لأي إجراءات من شأنها كبح جماح صعود العملات الأجنبية أمام الريال اليمني.
ويقول البنك المركزي إنه أوقف بشكل كلي تمويل النفقات من مصادر تضخمية، إضافة إلى منع طباعة العملة، ورفض ضخ أي كميات جديدة من العملة في السوق المصرفية.
وأوضح مصدر في البنك المركزي أن البنك لن يعود الى ممارسات الماضي بتمويل نفقات الحكومة من مصادر تضخمية، نظرا لمخاطرها وآثارها السلبية على الاقتصاد وسعر الصرف على وجه الخصوص، لافتاً إلى أن نسبة النمو في القاعدة النقدية خلال الفترة من بداية 2022 وحتى اليوم كان صفرا، وهو ما يعني عدم وجود أي اصدار نقدي خلال الفترة.
يأتي ذلك، وسط حالة من الجمود في نشاط البنك المركزي اليمني إثر تراجع مجلس القيادة الرئاسي عن تنفيذ قراراته لمعالجة التشوهات في سوق النقد، مقابل وعود أممية ودولية بعقد مشاورات بشأن الملف الاقتصادي مع الحوثيين، والتي كان من المفترض عقدها قبل حلول سبتمبر الماضي لكنها لم تنعقد حتى اليوم.